الهواتف المحمولة

هواوي تستعيد مكانتها العالمية مع هاتف P70 Pro: عودة قوية تنتظرها الأسواق

هواوي تستعيد مكانتها العالمية مع هاتف P70 Pro: عودة قوية تنتظرها الأسواق

في عالم الهواتف الذكية، لا أحد ينسى اسم هواوي. تلك الشركة الصينية التي كانت يومًا ما على قمة العالم، تنافس آبل وسامسونج بندّية، بل وتتفوّق عليهما في بعض الجوانب التقنية. لكن مع مرور الوقت، واجهت الشركة تحديات كبرى غيّرت مسارها. واليوم، وبعد سنوات من الركود والقيود التقنية، يبدو أن هواوي عادت بثقة كبيرة مع هاتفها الجديد P70 Pro، الذي تصفه الأوساط التقنية بأنه نقطة التحول الكبرى في مسيرة الشركة.

هذه ليست مجرد عودة لهاتف جديد، بل هي عودة فلسفية تمثل رغبة هواوي في أن تُعيد للعالم ثقتها كعلامة تجارية رائدة، قادرة على الابتكار رغم كل التحديات. ومع كل تفاصيل مسرّبة حول الهاتف، يبدو أن الشركة وضعت كل خبرتها في جهاز واحد لتقول للعالم: “ما زلنا هنا، بل أقوى من أي وقت مضى”.

في هذا المقال سنغوص معًا في قصة هذا الهاتف، ولماذا يُعتبر حدثًا تقنيًا مهمًا، وما الذي يجعل P70 Pro مختلفًا عن كل ما سبق، وكيف يمكن أن يغيّر موازين المنافسة في سوق الهواتف الذكية مجددًا.

هواوي بين الماضي والحاضر: من القمة إلى الصمت ثم النهوض من جديد

عندما نعود بذاكرتنا إلى عام 2018، كانت هواوي في أوج قوتها. هواتفها مثل P20 Pro و Mate 20 Pro حطمت الأرقام القياسية في مبيعات الأسواق الآسيوية والأوروبية. الجميع كان يتحدث عن الكاميرات الأسطورية التي طورتها بالتعاون مع Leica، وعن التصميم الأنيق والأداء القوي.

لكن مع القيود التجارية التي واجهتها الشركة لاحقًا، توقفت عجلة النمو فجأة. لم يعد بإمكانها استخدام خدمات Google Mobile Services، وفقدت إمكانية شراء بعض المعالجات الأمريكية، فتأثرت حصتها السوقية عالميًا بشكل كبير.

مع ذلك، لم تتوقف هواوي عن البحث والتطوير. أنشأت منظومتها الخاصة من التطبيقات، وطورت نظام تشغيلها الجديد HarmonyOS، وبدأت تصنع رقاقاتها الخاصة عبر Kirin. كان ذلك بمثابة إعلان صامت: “قد نتراجع مؤقتًا، لكننا لا نغيب”.

واليوم، يبدو أن هذا الصمت الطويل انتهى، وأن الشركة تعود بثقة من خلال P70 Pro الذي يرمز حرفيًا إلى مرحلة “التحول من البقاء إلى القيادة”.

تصميم P70 Pro: التميز في أدق التفاصيل

من أول نظرة، يدرك أي مستخدم أن هواوي P70 Pro ليس مجرد هاتف ذكي آخر. إنه قطعة فنية صُنعت بعناية. الهيكل الخارجي يجمع بين الأناقة والمتانة، مع زوايا منحنية بلطف وانعكاسات ضوئية مذهلة على الغلاف الخلفي الزجاجي.

ويبدو أن الشركة استوحت فلسفتها التصميمية الجديدة من مزيج بين البساطة والفخامة. شعار هواوي الصغير في منتصف الواجهة الخلفية يعكس هدوء الثقة، في حين تأتي وحدة الكاميرات الخلفية بشكل ثلاثي متناسق داخل جزيرة زجاجية فاخرة ذات خطوط مائلة تمنحها طابعًا مميزًا لا يُشبه أي تصميم آخر في السوق.

أما الإطار فهو مصنوع من التيتانيوم المصقول، ما يجعله خفيفًا ومتينًا في الوقت ذاته. وتقول هواوي إنها استخدمت تقنية جديدة في عملية الطلاء تضمن مقاومة عالية للخدوش والأتربة.

من الأمام، تأتي الشاشة منحنية الأطراف، تغطي تقريبًا 98% من الواجهة الأمامية، وتحتوي على فتحة كاميرا صغيرة جدًا في المنتصف. وعند تشغيل الشاشة، يتحول الهاتف إلى لوحة مضيئة نابضة بالحياة، بسطوع يصل إلى 2500 شمعة تقريبًا، مما يجعل استخدامه تحت أشعة الشمس واضحًا تمامًا.

شاشة مذهلة بمواصفات احترافية

الشاشة دائمًا كانت أحد أعمدة تميّز سلسلة P من هواوي. وفي P70 Pro، رفعت الشركة السقف أكثر من أي وقت مضى. فهي تأتي بشاشة LTPO AMOLED مقاس 6.8 بوصة، بدقة 2K+ ومعدل تحديث متغير يصل إلى 120 هرتز، مما يجعل كل حركة وانزلاق تبدو ناعمة وكأنها تنساب فوق السطح الزجاجي.

ليس هذا فقط، بل دعمت هواوي الشاشة بتقنية HDR Vivid التي طورتها داخليًا لتنافس HDR10+ وDolby Vision، وهي قادرة على عرض ألوان أكثر دقة وحيوية مع تباين محسّن في الظلال.

وتمتلك الشاشة طبقة حماية جديدة تُعرف باسم Kunlun Glass 2، وهي الجيل الثاني من زجاج الحماية المتين الذي أثبت فعاليته في الإصدارات السابقة. تقول الشركة إن هذا الزجاج أكثر مقاومة للسقوط بنسبة 30% من Gorilla Glass Victus 2، وهي خطوة تضع الهاتف في مرتبة متقدمة من حيث المتانة.

الكاميرات: هواوي تعود إلى عرش التصوير

من المستحيل أن نتحدث عن سلسلة P دون التوقف طويلًا عند الكاميرا، فهي لطالما كانت أيقونة الإبداع لدى هواوي.

يأتي P70 Pro بنظام تصوير ثوري يعتمد على ثلاث عدسات خلفية رئيسية:

  • العدسة الأولى: رئيسية بدقة 50 ميجابكسل، مع مستشعر جديد كليًا بحجم 1 بوصة تقريبًا، وقد طُوّر خصيصًا بالتعاون مع مختبرات XMAGE التابعة لهواوي
  • العدسة الثانية: تليفوتو متقدمة بدقة 48 ميجابكسل تدعم تقريبًا بصريًا يصل إلى 10x وHybrid Zoom حتى 100x
  • العدسة الثالثة: واسعة جدًا بدقة 40 ميجابكسل مخصصة للتصوير الليلي والمشاهد الواسعة

كما أضافت هواوي تحسينات مذهلة على الخوارزميات البرمجية عبر محرك XD Fusion Pro 3.0، الذي يعالج الصور بشكل أسرع بنسبة 60% مقارنة بالجيل السابق.

النتيجة؟ صور طبيعية، غنية بالألوان، متوازنة من حيث الإضاءة، وتحتفظ بالتفاصيل الدقيقة حتى في ظروف الإضاءة الصعبة.

أما كاميرا السيلفي، فهي بدقة 32 ميجابكسل مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي لتحسين ملامح الوجه والإضاءة بشكل طبيعي دون مبالغة.

المعالج والأداء

ربما الجزء الأكثر إثارة في الهاتف هو عودته إلى معالجات Kirin الخاصة بالشركة. فقد تم تجهيز P70 Pro بشريحة Kirin 9010 الجديدة، التي تمثل طفرة في معمارية التصنيع. هذه الشريحة بُنيت بتقنية متقدمة تجعلها أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة بنسبة 20% وأقوى أداءً في المهام المعقدة بنسبة 18% مقارنة بالجيل السابق.

وتقول هواوي إن معالج الرسوميات الجديد Maleoon 920 GPU يوفر أداء ألعاب مذهلًا مع درجات حرارة منخفضة بفضل نظام تبريد محسن يعتمد على غرف بخار مصغرة.

ببساطة، يمكن القول إن هذا الهاتف قادر على التعامل مع كل المهام الثقيلة من دون تلعثم، سواء كانت تحرير فيديوهات بدقة 4K أو ألعاب تتطلب أداءً رسوميًا عاليًا.

نظام التشغيل HarmonyOS 5: تجربة مختلفة تمامًا

من أبرز مفاجآت الهاتف أنه يأتي بنظام HarmonyOS 5، وهو الإصدار الأحدث من النظام الذي تطوره هواوي بنفسها.

النظام هذه المرة أكثر نضجًا وسلاسة من أي وقت مضى، مع تحسينات كبيرة في التفاعل والسرعة وواجهة المستخدم. أصبح النظام أكثر ذكاءً في إدارة الطاقة، وأسرع في فتح التطبيقات والتنقل بينها.

كما أضافت هواوي مركز تحكم موحد يربط الهاتف بأجهزة الشركة الأخرى مثل MatePad وMateBook وFreeBuds، لتتحول التجربة إلى بيئة متكاملة يمكن التحكم فيها بسلاسة تامة.

إحدى الميزات اللافتة هي Multi-Device Collaboration، والتي تسمح بمشاركة الشاشة بين الهاتف والكمبيوتر اللوحي أو الحاسوب بمجرد السحب والإفلات، مما يجعل العمل بين الأجهزة أكثر انسيابية.

البطارية والشحن

لم تغفل هواوي جانب الطاقة، إذ زوّدت P70 Pro ببطارية ضخمة سعة 5200 مللي أمبير تدعم الشحن السريع بقدرة 100 واط سلكيًا و 80 واط لاسلكيًا، مع دعم ميزة الشحن العكسي اللاسلكي لشحن الأجهزة الصغيرة.

وتؤكد الشركة أن الهاتف يمكن أن يشحن من 0 إلى 70% خلال 15 دقيقة فقط، وهي أرقام مذهلة بكل المقاييس.

بجانب ذلك، تمت إعادة تصميم النظام الداخلي لتوزيع الحرارة بحيث لا ترتفع درجات الحرارة أثناء الشحن السريع، مما يحافظ على عمر البطارية لفترة أطول.

الصوت والوسائط

الاهتمام بالتفاصيل في P70 Pro يظهر حتى في الصوت. فالهاتف مزود بسماعات مزدوجة عالية الجودة تدعم تقنية Histen Audio التي تطورها هواوي، لتقديم تجربة صوتية ثلاثية الأبعاد.

كما تم تحسين محرك الاهتزاز الداخلي ليقدم إحساسًا أكثر دقة أثناء الألعاب والإشعارات، مما يضيف لمسة واقعية للتجربة الكاملة.

هواوي والعودة إلى الأسواق العالمية

لا يمكن إغفال أن هذا الهاتف يمثل أكثر من مجرد جهاز جديد، بل هو تصريح ضمني من هواوي بأنها استعادت توازنها واستعدادها للعودة بقوة إلى السوق العالمية.

تقول تقارير اقتصادية إن هواوي أعادت بناء سلاسل التوريد الخاصة بها بطريقة تضمن استقلاليتها الكاملة عن الشركات الغربية، وهو ما أعطاها حرية أكبر في التطوير والإنتاج.

كما بدأت الشركة تدريجيًا في توسيع نطاق بيع هواتفها في أوروبا وآسيا وأفريقيا، عبر شراكات محلية جديدة. وهذا يشير إلى أن P70 Pro سيكون واجهة استراتيجية لإعادة بناء الثقة مع المستخدمين حول العالم.

السعر المتوقع

رغم أن هواوي لم تكشف رسميًا عن السعر حتى الآن، إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى أن P70 Pro سيتوفر بسعر يبدأ من حوالي 999 دولارًا للنسخة الأساسية، مع خيارات تصل إلى 1299 دولارًا للنسخ الأعلى.

قد يبدو السعر مرتفعًا بعض الشيء، لكنه منطقي إذا أخذنا في الاعتبار المواصفات والتقنيات المستخدمة فيه، خاصة وأنه يحمل هوية “العودة الكبرى” للشركة.

رأي المستخدمين والتوقعات الأولية

التفاعل الأولي من محبي التقنية كان إيجابيًا بشكل كبير. فالكثيرون يرون أن P70 Pro هو الهاتف الذي يعيد هواوي إلى دائرة المنافسة الحقيقية، خصوصًا في الأسواق التي ما زالت تثق بعلامتها التجارية.

وبالنسبة للمستخدمين الذين عاشوا تجربة سلسلة P في أوجها، فإن هذا الإصدار يثير حنينًا خاصًا إلى تلك الأيام التي كانت فيها هواوي تتحدى الجميع بابتكاراتها الجريئة.

خاتمة

هاتف Huawei P70 Pro ليس مجرد إصدار جديد، بل هو بيان رسمي من هواوي بأنها قادرة على النهوض من جديد. إنه رمز للإصرار والإبداع والتحدي، يجمع بين التصميم الفاخر والأداء القوي والذكاء الاصطناعي، مع لمسة من الثقة التي غابت لفترة طويلة.

العودة إلى المنافسة لن تكون سهلة، لكن إن استمرت الشركة على هذا النهج، فإنها بلا شك قادرة على استعادة مكانتها بين عمالقة العالم.

قد تكون هذه بداية مرحلة جديدة لا لهواوي فقط، بل لسوق الهواتف الذكية بأكمله، مرحلة يكون فيها الابتكار الحقيقي هو الحكم الوحيد، وليس القيود أو العوائق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *